الأشكال السبعة للذنب

ذنب الآباء – الطفل

كطفل، تم تكوينك لتحس بالذنب من الكهول من حولك و بالأخص من عائلتك. بعد كل شيء، إن كانوا قد أحسّوا بالذنب، فقد كان جيّدا بما فيه الكفاية لهم، إذن يجب أن يكون جيّدا بما فيه الكفاية لك أيضا! إن لم يعجبهم ما فعلته أو قلته، فقد قيل لك بأنك كنت “فتاة سيّئة” أو “فتى سيّئا”. محاكمة قيمية قد نُزّلت بك أنت بدل أعمالك. على مدى سنوات نموّك، خاصّة السنوات الخمسة الأولى، تمّ تكييفك على الاستجابة ل”حسن” و “سيّء”، “صحيح” و “خاطئ”. تمّت تقوية الذنب عبر نظام المكافأة و العقاب.

يستعمل الآباء بشكل غير متعمّد الذنب كوسيلة للتحكّم في أبنائهم. هم يخبرون طفلا بأنه، إن لم يفعل شيئا ما، فهو سيجعلهم يشعرون بالاستياء. أسلحتهم هي جمل مثل، “ماذا سوف يظن الجيران؟” “لقد أربكتنا!” “لقد خيّبتنا!” “أين هي أخلاقك؟” و القائمة تمتدّ قدما. كلّما فشلت في إرضاء والديك، فإنه قد حان لهم الوقت ليلعبوا لعبة الذنب. بالنتيجة، أنت قد طوّرت نمطا سلوكيا لإرضاء الآخرين أوّلا كي تتفادى الإحساس بالذنب. قلت ما أرادك الناس أن تقوله و فعلت ما أرادوك أن تفعله. تم تكييفك على الاعتقاد بأنه، بالمطابقة، سوف تُرضي الآخرين. و هكذا طوّرت الحاجة غير المنتهية أبدا للقيام بانطباع جيّد.
guilty-feeling

ذنب الطفل – الآباء

في انعكاس للعبة الذنب الآباء – الطفل، يستعمل الأطفال مرارا الذنب للتلاعب بآبائهم. أكثر الآباء يريدون أن يُنظر إليهم كآباء “جيّدين” و لا يستطيعون التعامل مع الإحساس بأن طفلهم يظن بأنهم لا يحبّونه. لإجبارهم، يستعمل الطفل جملا مثل، “أنت لا تحبّني حقا!” “أبوا فلان الفلان تركاه يفعلها.” الطفل أيضا يذكّرهما بالأشياء التي فعلاها و لم يفعلاها، أشياء يعلم الطفل حدسيا بأنها سوف تُـنتج أحاسيس الذنب.

هذا السلوك قد لُقّن بمشاهدة الكهول. الطفل لا يعلم بالضبط كيف يشتغل، هو يعلم فقط بأنه السلوك الأكثر نجاعة في الحصول على ما يريده. بما أن التلاعب هو الانشغال الرئيسي في الطفولة، فإن الأمر لا يتطلّب فترة طويلة حتى يُصاب به الطفل.

كما تعلّمتَ سابقا – الذنب هو تجاوب شعوري مُكتسب. إنه ليس سلوكا طبيعيا في الطفل. إذا كان طفلك يحاول التلاعب بك من خلال الذنب، يمكنك أن تكون متأكّدا بأنه قد انتقى التكتيكات من معلّم جيّد – أنت!

الذنب من خلال الحب

“لو أنك أحببتني…” هي بعض من أكثر الجمل المنتجة للذنب المستعمَلة للتلاعب بالشريك الآخر. عندما نقول “لو أنك أحببتني، لكنتَ قد فعلت كذا” فإننا في الواقع نقول “اشعرْ بالذنب إن لم تفعل كذا!” أو “لو ترفض، فأنت لا تهتمّ حقا بشأني”.

بما أنه قد وقع تكييفنا بأنه علينا أن نُظهر بأننا نهتمّ، فإنه يُتلاعب بنا بسهولة بجُمل الذنب هذه. و، إذا لم تشتغل هذه الجمل، يمكننا دائما أن نلجأ إلى تكتيكات أخرى مثل المعاملة الصامتة، رفض الجنس، مشاعر الإساءة، الغضب، الدموع أو النوبات.

تكتيك آخر هو أن نستعمل الذنب لمعاقبة شركاءنا على سلوكات نحسّ نحن بأنها متضاربة مع قيمنا و اعتقاداتنا. نحن نجلب الخطايا الماضية و نذكّرهم كيف كانوا “مخطئين” و كيف خيّبونا و تركونا. طالما استطعنا أن نحافظ على لعبة الذنب هذه مستمرّة، فإننا نستطيع التلاعب بهم حتى يفعلوا ما نريده نحن. عندما لا يحيوا حسب ميزان اعتقاداتنا، توقّعاتنا و قيمنا، فإننا نستعمل الذنب ل”نضعهم على الصواب”. هذه ليست إلا بعضا من الطرق التي نستعمل فيها الذنب في علاقة حب.

الذنب الموحى من المجتمع 

هذا يبدأ في المدرسة عندما تفشل في إرضاء معلّمك. أنت قد تكوّنت لتحس بالذنب حول سلوكك بإخبارك بأنه كان بإمكانك أن تفعل أفضل أو بأنك قد أحبطت معلّمك. بدون استيعاب أصل المشكل – الوعي الخاطئ للطالب – فإن الذنب الموحى من المعلّم يتسبب في عمل أقل للمعلّم و هو طريقة ناجعة للتحكّم.

نظامنا للسجن هو مثال ممتاز لنظرية الذنب في الفعل. لو أنك تسير ضد قواعد الأخلاق الاجتماعية، فإنك تُعاقب بالحجز في منشأة. أثناء هذا الوقت، فإنه مُفترض أن تحسّ بالذنب على ما فعلته. كلّما كانت الجريمة أسوأ، كلّما كان عليك أن تحس أطول بالذنب. ثم تُطلق بدون أن يكون المشكل الحقيقي – وعيك المخطئ، تحديدا اعتبارك الذاتي الضعيف – قد صُحّح. النتيجة النهائية هي أن معظم السجناء ينتهون بالعودة إلى السجن بعد ارتكاب جريمة أخرى.

أحاسيس الذنب بشأن السلوك الاجتماعي تكيّفك على القلق حول ما يقوله أو يظنّه الآخرون عن أفعالك. لهذا فإن قواعد التشريفات يُلتزم بها بشدّة. بالنسبة لأكثر الناس، هي مسألة حياة أو موت على أي جانب من الصحن توضع الشوكة!

لقد أصبحنا جد مهتمّين بشأن آراء الناس الآخرين أو أن نكون مؤدّبين بشكل لائق، إلى حد أنه علينا أن نرصد أي شيء نقوله أو نفعله حتى لا نضايق أي أحد.

الذنب الجنسي

أكثر الناس يمرّون بالذنب الجنسي. أصل السبب في الذنب الجنسي هو الدين. الدين قد قرّر أي أشكال التعابير الجنسية هي “حسنة” أو “سيئة”، “طبيعية” أو “آثمة”. هذه الأحكام القيمية الأخلاقية قد انتقلت من جيل إلى جيل مثل المرض المُعدي.

إذا كان نظامك للقيم يتضمّن أي شكل من التعبير الجنسي يُعتبر “غير مقبول أخلاقيا”، فأنت قد جُعلت لتحسّ بالذنب و الخجل. أشياء مثل العادة السرية، الجنس قبل الزواج، الفن الإباحي، المثلية الجنسي، الإجهاض و مثلها هي كلّها “سيّئة” و “آثمة”. النتيجة هي أن أكثر الناس لديهم ضروب من المشدّات الجنسية العالقة و الأحاسيس المكبوتة بالذنب.

بما أننا مُكيّفون منذ الطفولة على آثام الجنس، فإنه من المستحيل على الشخص العادي أن يستمتع بأشكال معيّنة من اللذة بدون شعورٍ بالذنب. هذا سوف لن يتغيّر حتى نتعلّم هذا الدرس الثمين و الأساسي: ليس هناك من حاجة للإحساس بالذنب حول أي شكل من التعبير الجنسي التي هي داخل منظومة القيم لأحد و لا تؤذي جسديا شخصا آخر. أكثر أهميّة، الأمر ليس، “صائبا” أو “خاطئا” بصرف النظر عما يقوله أو يظنّه الناس الآخرون. احفظ في ذهنك أن الذنب ليس إلا حكما قيميا قد أُنزل بنا من وجه سلطة خارجي.

الذنب الديني

الدين قام بأكثر من حصّته في تطوير و غرس أحاسيس عميقة مركّزة بالذنب. بالفعل، يمكن أن يعزى إليه الإثم الأصلي للذنب، بما أن الذنب هو الوسيلة التي يحافظ بها الدين على مريديه على الصراط.

من خلال التأويل المخطئ للكمال، فإن العديد من الطوائف الدينية تغرس الذنب في أولئك الذين لا يرحبون بأحكامهم القيمية الأخلاقية المعتمدة على تأويلهم للكتب المقدّسة.

هم يبدؤون بالمقدّمة المنطقية بأن كل الأحكام هي معتمدة على الكمال. الكمال، يقولون، هو “حسن”، النقص “سيّء”. هذا التأويل المخطئ للكمال قد حدّ من الفهم الحقيقي للكلمة. لو أنك تضع عشرة آلاف من نفس الشيء تحت مجهر، فإنك سوف ترى بأنه ما من اثنين هما متماثلان.

إنها حقيقة بيولوجية، فيزيولوجية، بسيكولوجية و ميتافيزيقية بأن كل كينونة هي مختلفة بوضوح. كل فرد هو تعبير عن الذكاء الخالق. الكمال، و كل شيء آخر حول هذه المسألة، هو نسبي.

ستيفن والاس وضعها بهذه الطريقة:

عشرون رجلا يعبرون جسرا نحو قرية،

هم عشرون رجلا يعبرون عشرين جسرا نحو عشرين قرية…

بعض الأديان، بتوقعها أن شخصيْن سيدركان الله، الحقيقة و الكتب المقدّسة بنفس الطريقة، قد قدّروا على مريديهم الفشل.

على النقيض، حتى تكون “كاملا”، يجب أن يكون لديك بعض العيوب. النقائص هي الوسيلة التي بها تتعلّم أن تنمو و التي بواسطتها فإن ا البشرية هي مهموزة للخلق. أن تمتلك “لا نقائص” هو أن تمتلك “لا حاجة” للتطوّر ذهنيا، شعوريا و روحيا. هذا يعني بأنه يجب أن نتيح لأنفسنا الحريّة لننمو ذهنيا، شعوريا و روحيا غير ملطّخين بالذنب.

من الصعب على أحد ما قد بُرمج على الاعتقاد بأن كل خطيئة هي “سيئة” أن يرى قيمة و، بل، حتى جمالا في الخطيئة و الغلط. الدين يقول بأن الخطيئة هي “سيئة”، مع ذلك فإن قلّة من رجال الدين سوف ينكرون بأننا نتعلّم من أخطائنا. الفرق قد يكون في الواقع ما إذا تعلّمنا أم لا الدرس الخاص الذي يتمنّون هم أن يلقّنوه لنا!

البعض من الإنجازات الرائعة في العالم قد جاءت من أفراد نقائصهم همزتهم نحو جهد خلّاق. لو أنك تقرأ سيرة أي رجل أو امرأة عظيمة قام/ت بإسهام هام للبشرية، سوف ترى، تقريبا بدون استثناء، شخصا ذو عيوب، عديد منها قد طبعها المجتمع بأنها “آثمة”. أن تكون واعيا بهذا من المستحسن أن يخوّلك أن تضع ذنبك الخاص في المنظار. الذنب هو غير ضروري و هو محطّم ذاتيا. أن تمتلك الرغبة في التغلّب على ما يسمّى “النقائص، الآثام و الأخطاء” هو كافٍ.

الذنب المفروض ذاتيا

الشكل الأكثر تحطيما للذنب هو ذلك الذي هو مفروض ذاتيا. هذا الذنب الذي نفرضه على أنفسنا عندما نحسّ بأننا قد أخللنا بقواعد الأخلاق خاصتنا أو بقواعد أخلاق المجتمع. ينشأ الأمر عندما ننظر إلى سلوكنا الماضي و نرى بأننا قد قمنا باختيار أو فعل طائش. نحن نفحص ما فعلناه – سواء كان انتقاد الآخرين، السرقة، الخيانة، الكذب، المبالغة، كسر أوامر دينية أو ارتكاب أي صنيع آخر نحسّ بأنه خاطئ – على ضوء منظومتنا الحاضرة للقيم. في أكثر الحالات، الذنب الذي نحسّ به هو محاولة لنظهر بأننا نهتمّ و بأننا آسفون على أفعالنا. بالأساس ما نحن بصدد فعله هو جلد ذواتنا على ما فعلناه و محاولة تغيير التاريخ. ما نفشل في استيعابه هو أن التاريخ لا يمكن تغييره.

التغيير، نظام الكون

المستشفيات العقلية هي ممتلئة بالمرضى العاجزين على مواجهة التغيير. هؤلاء الناس خلقوا طرقا للمحاولة و الهروب منه. و لكن إذا كان هناك شيء ما أكثر يقينا من الموت و الحياة، فهو حتمية التغيير. لا أحد يستطيع تفاديه. علينا إذن أن نتعلّم قبوله و التطلّع إليه.
في الواقع، فإن التغيير هو ما تريده. أنت تريد الجمال في الحياة؛ سيارة بدل عربة؛ منزلا بدل بيت للإقامة. و تستطيع أن تتحصّل على كل هذا فقط لو أنك تتخلى عن الخوف.
التغيير يعني تغيير طريقة تفكيرك. هو أيضا أن تكون راغبا في التسليم في الأشياء على الطريقة التي هي عليها، و أن تحصل عليها بالطريقة التي تريدها أن تكون عليها! لا أحد سواك يستطيع فعل هذا من أجلك.
لا تخطئ بشأن هذا: إذا كنت تريد أن تهرب من الرداءة، فعليك أن تقرر بشكل واع أنك تريد أن تكون مختلفا. كل الأفراد العظماء هم مختلفون. هم مختلفون عن الجماهير. هذا ما يجعلهم في مقام عال.
يتوجّب أن يكون لديك شجاعة كافية لتقول لنفسك: “لن أعيش حياة من الرداءة. أنا مختلف. أنا شخص مدهش بمستقبل مدهش. حياة باهتة ليست لي.” أعد هذه الجمل. ابدأ الآن حالا!

Change Ahead !

إذا كنت منهكا و متخوّفا، فربّما ليس هناك من مغامرة في حياتك. ما من شيء أسوأ من أن تكون في روتين. أن تنام في نفس السرير كل ليلة، تأكل في نفس المطاعم، ترى نفس الناس، تذهب في نفس الطريق إلى العمل، أن تقوم بنفس الشيء كل يوم هو جنون تام. التماثل يحطّم الإبداع و سوف يضطرّك سريعا أن تقرع باب الطبيب النفسي. الناس المأسورون في هذه الدورة هم عبدة التماثل، أولئك الذين يخافون أدنى تغيير.
عندما تكون محبطا من روتينك اليومي، غيّره. التغيير لا يعني تجاهل الآخرين أو الإحساس بأنك أرفع. إنه يعني استحقاق التكلّم و الفعل لنفسك و القيام بما هو ضروري ليجعلك سعيدا. كونفوشيوس لخّصها على هذه النحو: “سيكون عليهم التغيير في معظم الأوقات أولئك الذين يرغبون أن يكونوا في سعادة مستديمة.”
أول شيء يتعيّن القيام به هو إيقاف محاربة التغيير. تعلّم أن تحيى معه و أن تستمتع به. الطقس سوف يتغيّر. مركز عملك سوف يتغيّر. الحكومة سوف تتغيّر. و كذلك الناس من حولك. كل شيء و كل شخص سوف يتغيّر، فلم محاربة ذلك إذن؟ لم لا تكون واحدا من أولئك الذين يقولون: “دعنا نرى ما الذي أستطيع تغييره لتحسين الأشياء.”
قم بالتغييرات الصائبة. التغييرات الصائبة هي إيجابية دائما. ابدأ بتغيير الأشياء الصغيرة كل يوم إلى أن يصبح التغيير طريقة حياة. لا تتشبّث بأسلوب معيّن للحياة. غيّر أثاثك أو أسلوبك في الملابس. بدّل الأشياء هنا و هناك في غرفتك، شقتك أو منزلك. لا تترك أي شيء مثلما هو. واصل تغيير الأشياء فقط لتجعلها شيّقة.
هل تجد نفسك تقاوم هذا؟ لو أنك تفعل ذلك فالسبب هو أنك تحس بأنك مهدد بالتغيير. تذكّر: الطريقة الوحيدة للتغلّب على الخوف هي بالقيام بالأشياء التي تخافها الأكثر. وإذا كان ذلك يعني التغيير، فالتغيير هو ما يتوجب عليك!
التغيير هو عادة. كل حياتك تُمارَس بالعادة. منذ الطفولة، درّبت نفسك على الاستجابة بالطريقة التي تقوم بها. تغيير حياتك يعني تغيير عاداتك. أحيانا، يمكن أن يكون هذا كريها، و لكن عملية تغيير عادة سيكون وقتيا فقط.
للتغلّب على الخشية من التغيير، أبق في ذهنك على المنافع النهائية التي ستتلقاها. ركّز على المنافع بدل المخاوف و المشاق المفترضة التي قد يفرضها التغيير. دوّن هذه المنافع. اقرأها كل يوم و أبصر كيف ينفعك التغيير.
انظر إلى كل شيء يأتي إلى حياتك كفرصة للتغيير إلى الأفضل. إذا كنت على وشك نقلة، أو إذا كان مكتبك أو قسمك بصدد الإغلاق، موقع عملك قد أزيل، حبيبك قد هجرك، عليك أن تذهب إلى مكان جديد، أو أن سيارتك قد توقّفت أخيرا عن السير، بدل الإمعان في السلبي، فكّر في عواقب إيجابية ممكنة. لو أنك تتوقّف عن المقاومة، تقبل بالتغيير و تتطلّع إلى تجربة جديدة و أفضل، فإن شيئا ما جيّد سوف يحدث. الأشياء الجيّدة تأتي عندما تكون مستعدّا للتغيير.

أنت لا تستطيع تحسين ذاتك

بإمكانك أن تواجه هذا الواقع: ما من أمان بين المهد و اللحد. الأمان الوحيد الذي لديك و لديّ هو قدرتنا على خلق و صنع نتائج. لو لم نكن مقيّدين بالاعتقاد بأنه لا يستحسن بنا القيام بأخطاء، فإن اللايقين لن يكون مشكلا. قمتُ بالكثير من الأخطاء في حياتي. البعض منها كان ضخما جدا. و لكن ذلك هو جزء من عملية النموّ. أنا أعتزم القيام بالمزيد من الأخطاء، و أنا متأكد بأن البعض منها سيكون حتى أضخم.

قد يساعدك أن تعرف أن الطائرة تصرف تسعين بالمائة من وقتها في الغلط. نحتاج إلى إمعان النظر في هذا. إذا تمكّنت من أن ترى أنك تستطيع أن تجلب طائرة من تونس إلى باريس، حتى لمّا كانت في الغلط تسعين بالمائة من الوقت، ربّما تتمكّن من أن تكون أقل انتقادا لنفسك. ربما سوف تسمح لنفسك بأن تكون في الغلط. مركب شراعي لا يستطيع أن يصل من حيث هو إلى حيثما يريد أن يكون بالتحرّك في خط مستقيم. عليه أن يتعرّج. إذن فمن حيث الصراط الحقيقي، فهو دائما في الغلط. ما هو مهم عن الطائرة و المركب الشراعي هو أن الأخطاء تلغي بعضها.

تعلّم هذا السر الكبير عن الحياة – هو أن الحياة هي حول القيام بتصحيحات. المشكل هو أن الناس هم حساسون بشكل بالغ بشأن تصحيحهم. الطريقة التي بها نتجاوب مع التصحيح هي الانعكاس لاحترامنا الذاتي الخاص بنا.

لو أنك ستنظر إلى حياتك، فإنك سترى أنه مهما حدث لك، فإنه سيكون هناك دائما علامة تحذير، و لكنّك أجّلت إلى الدقيقة الأخيرة للقيام بتصحيح. ربّما كنت متخوّفا من القيام بأغلاط، من أن تكون مخطئا، من فقدان استحسان أحد ما أو من أن تظهر كالأبله. الفشل، في الناحية الأكبر، ليس النتيجة لنقصنا في القدرة، و لكنه نتاج رغبتنا عن الملاحظة، التقييم، و التحرك بشكل صحيح وفق علامات الخطر في وضعية مُعطاة –قبل أن تصير تلك الوضعية خارجة عن السيطرة. نحن غير مختلفون في الجوهر عن الطائرة. أن تكون في الغلط يعني أن تكون خارج الصراط. ما هو مهم ليس أننا خارج الصراط، و لكن إذا ما كنا سنقوم بالتصحيح الذي يُستلزم القيام به.

أكثرنا لا يقوم بالتصحيحات لأننا جد مشغولين بحماية أنا-نا. أكثر إخفاقات الناس هي منتجات تبرير أنفسهم و حماية أنفسهم عندما يستحسن بهم أن يصحّحوا أنفسهم. رغبتنا في أن لا نكون في الغلط و في أن لا نصحّح هي مصدر معظم إخفاقاتنا. الناس الناجحون هم مثل الطائرة. هم يريدون أن يحيوا في الغلط، و هم يريدون أن يصحّحوا. في الجزء الأكبر، فإن المشاكل التي نواجهها هي نتيجة الانتظار إلى الدقيقة الأخيرة لفعل ما يُستلزم فعله. ما تناله من الفشل هو التجربة بأنك لست على ما يُرام. حسنا، ليس صحيحا بأنك لست على ما يُرام.

  Oops_road_sign-post

أنت لا تستطيع تحسين من تكون –ذاتك الحقّة أو ذاتك الأعلى التي هي مثالية روحيا. أنت تستطيع، في المقابل، تحسين أدائك. بسبب الجهل فإنك ستقوم بأخطاء. ثم ماذا؟ كل ما عليك فعله هو القيام بتصحيحات. تذكّر: أنت لست نتائجك. تعلّم أن تفصل ذاتك مما تحصل عليه و مما تفعله. كن متأكدا بأنك واضح بشأن هذا، لأنك إن لم تكن، فسوف تعاني لبقية حياتك. مسؤوليتك هي فقط أن تواصل التصحيح عندما تخرج منحرفا عن الصراط، لأنه مهما كثر حصولك على الأشياء، فإنك ستكون منحرفا عن الصراط أكثر الوقت.

الناس الناجحون هم ناس مشغولون باستمرار بالقيام بأشياء لا يدرون كيف يقومون بها بتأكّد. و هذه هي المغامرة عندهم. هم لا يعرفون ما سيحمله المستقبل. كل ما يعرفونه هو أنهم ملتزمون بسبيل، و سيفعلون مهما كان عليهم فعله للوصول إلى المرحلة الموالية، التي توصلهم إلى المرحلة الموالية، التي توصلهم إلى المرحلة الموالية، و هكذا دواليك. الناس الغير ناجحين يعيشون فقط مرعوبين و مجمَّدين بالخوف من اكتشاف أنهم في غلط أو أنهم يقومون بخطأ.

اتخذ القرار لمرّة واحدة و نهائيا بأنك لن تكون واحدا من أولئك الناس. انظر إلى الإخفاقات التي حصلت عليها في حياتك و لاحظ كيف كنت مهتما بأن تكون مصيبا، أن تبدو جيّدا، أن تحمي نفسك و أن لا تقوم بخطأ أكثر مما كنت مهتما بالقيام بتصحيح. بشكل ما تم تلقيننا مفهوم أن كل ما علينا فعله هو الوصول إلى النقطة حيث سنكون بارعين كفاية بحيث أننا لا نفشل. ما أريد أن أخبرك به هو أن الخيار ببساطة هو غير متاح لك. الأمر شبيه بمحاولة الأكل لمرّة واحدة و نهائية. هذا لا يمكن أن يصير.

كلّما كنت ناجحا أكثر، كلّما قمت بأخطاء أكثر. الناس الذين لا يفعلون أي شيء، لا يقومون بأخطاء. بدل أن ينطلقوا و يلتزموا بصراط من الأعمال، هم يسمحون لأنفسهم بأن يكونوا مجمَّدين. هم يظنّون أنه طالما أنهم لا يفعلون أي شيء، فهم آمنون. على الرغم من أن هذا قد يكون صحيحا، فإن الثمن الذي يدفعونه لعدم تحقيق أحلامهم هو بعيدا جد مرتفع.

وجه السلطة الوحيد هو بداخلك

إن كنت ماضيا حقا في تعلّم الحقيقة حول نفسك و أن تحيى حياتك مثلما أنت قادر على حياتها، فإن كثيرا من الناس لن يعجبهم ذلك لأنهم غير ملتزمين بنفس السبيل مثلك. هل ستمضي في إنكار ثرواتك لأن الآخرين هم فقراء؟ هل ستمضي في إنكار صحتك لأن مليارات من الناس هم مرضى؟ ألق نظرة جيّدة إلى ما أنت منكره عن نفسك، و لا تفكّر مطلقا في أنك “مخطئ” لأنك تريد ما تريد.

بينما نتحرّك في سبيل اكتشاف الذات، فإننا ملزمون بالقيام بأخطاء. ما يسمى بالأخطاء، و الزلات، و الآثام، و الأغلاط، ليست أنت. كن متأكدا من الفصل بين من تكون و ما تحصل عليه و ما تفعله. أنت تتجاوز ما يحدث في حياتك عندما تصل إلى إدراك أن ما يحدث في حياتك هو وقتي فقط و سوف يكون متغيّرا دائما. من المهم أن تفهم أن ذاتك العليا هي ثابتة و غير متغيّرة. عندما تعرّف نفسك بطبيعةٍ وقتية، فإنك تحمل على الجد الاعتقاد بأن ما تحصل عليه و ما تفعله هو ذاتك الحقة. قد يكون هذا هو الخطأ الأكبر الذي ربّما ترتكبه في حياتك.

اختبار بهائك و جلالك يتطلّب أن تفصل بين ما تحصل عليه و ما تفعله من من تكون. تعلّم فصل الأداء عن المؤدّي، أن تكون متّصلا بما يحدث في حياتك، و لكن أن لا تعرّف نفسك بطبيعتها الوقتية.

عندما تقف على شاطئ البحر و تشاهد السفن تتوجه قربه فإنه ما من مشكل طالما أنك ببساطة تقف هناك و تشاهدها تجري بقربه. فقط حينما تعرّف نفسك بالسفن فإنك تحسّ بالألم و المعاناة. لو أنك تقول “تلك سفينتي”، ثم تحزن لمّا تمرّ أمام نظرك. لو أنك تقول “عليّ أن أشرف على تلك السفينة”، ثم تحيى في خوف من أن أحدا آخر سيصبح قائدها. و بالمثل، فإنه بمشاهدة و ملاحظة أخطائنا و سلوكنا المعطّل ببساطة بدون محاكمة، فإننا نتقي ضرر تعريف أنفسنا بأخطائنا و زلاتنا و غلطاتنا الوقتية.

حالما تنطلق في السؤال و النظر بصدق في حياتك، فإنك تصل إلى النقطة حيث تبدأ في إدراك أن وجه السلطة الوحيد هو بداخلك. نحن ننظر إلى السلطات الأخرى لتخبرنا بما علينا فعله، و لكن الشخص الوحيد الذي سيعرف مطلقا ماذا نفعل هو أنفسنا.

authority

هل تعجّبت في أي وقت مضى لماذا ينخدع بعض الناس بفناني الخدع؟ فنان الخدع لا يستطيع أن يخدع شخصا ما يكون واعيا. الناس لديهم مشكل في فهم لماذا ينتهزهم الآخرون. السبب في انتهازهم هو لأنهم يسلّمون في قوّتهم و لا يريدون أن يكونوا مسؤولين عن حياتهم الخاصة. لا يريدون أن يقوموا بالقرارات الخاصة بهم و بذلك يسمحون للآخرين بأن يقوموا بها من أجلهم. و لكن افهم هذه الحقيقة: لو أنك تسمح للآخرين بفعلها من أجلك، فإنهم سيفعلونها بك. طالما أنك تدع الآخرين يتحمّلون مسؤولية حياتك، فإنهم سيتحكّمون في قَدرك.

المقاومة

نحن نقاوم لأسباب عديدة، منها ما يتضمّن برمجة نفسية سلبية عميقة من طرف أولئك الذين يؤثرون فينا في طفولتنا، و منها ما يتضمّن الخوف من المجهول، الخوف من الفشل، الخوف من أن نُحَاكم من الآخرين، امتلاك وجهة نظر متشددة و متصلّبة، أو معاناة الانزعاج عندما نغيّر عادة ما.

نحن نعرف بأن علينا أن نتغيّر، و لكننا نميل إلى مقاومة التغيير بكل ألياف كياننا. مهما كان ما نقاومه فإنه يدوم بل غالبا ما يشتد، إذن فلماذا نقاوم؟ حتى و أنت تقرأ هذا المقال، فإنك ربما تمر بمقاومة في مستوى ما. قد يخبرك ذهنك بأن ما تقرؤه هو صائب، و لكنه لا ينطبق عليك، لأن الأمر في حالتك، هو مختلف. أنا آسف، صديقي، و لكنه نفسه للجميع. كلّما قاومت بأكثر شدّة، كلّما اشتد عليك أكثر أن تنطلق بالمستحيل إلى الممكن. في النتيجة، نحن نصبح أسوأ أعداء لأنفسنا. هذا شبيه بإطلاق الرصاص على أرجلنا في كل مرة نقول فيها لأنفسنا بأن شيئا ما هو مستحيل.
Are you resisting?

كلّنا نمتلك منطقة الراحة السلوكية الخاصة بنا. هناك جزء فينا يريد التغيير و التحرّك نحو حد الدائرة، و هناك جزء فينا يريد أن يبقى في الوسط، معزولا عن التغيير. فكّر في أي شيء قمت به. جزء منك أراد القيام به، و جزء منك هرب من التغيير. المشكل مع البقاء في الوسط هو أننا نواصل القيام بالمزيد مما كنا نقوم به من أجل المحافظة على الحالة كما هي. كلّما ملنا أكثر إلى البقاء في وسط الدائرة، كلّما ضيّقنا في خياراتنا.

البعض منا يتمسك بإحكام، و حتى بعنف، بأسس اعتقاداتنا، خائفا من أن تغيير نظرتنا قد يدمّر أسسنا. أذهاننا ليست مثل الأهرام، حيث لو أخذت قطعة من القاعدة سيهوي باقيها ركاما. أجل، علينا أن نتمسك بأفكارنا و ندفع بها بقوة في وضعية قابلة للنقاش، و لكن علينا أيضا أن نغيّر قليلا عندما يعطينا أحد ما معلومة جديدة أو مفهوما جديدا يؤكد تغييرا في نظرتنا. و هذه أكبر قوة في الشخصية.

قد تجلب لنا الحياة بعض الحصب للتعامل معه، أو أن مدّ الحياة و جزرها يمكن أن يجلب لنا كرة بولينغ و التي من المؤكد أنها ستجعل من ذلك الهرم يهوي ركاما. ألا يبدو الأمر مشابها لكرات البولينغ أو لجلاميد عملاقة تأتي تدحرج إلى حياتنا عندما نلقى بعضا من ضروب الدروس العظيمة لتعلّمها؟ عادة فإننا نفهم هذا بعد أن تجبرنا التجربة المزعزعة على بلوغ أعالي جديدة، على القطع مع منهجيّاتنا المظبوطة. ربما تجلب لنا الحياة مزيدا من كرات البولينغ عندما نبني حصونا من حولنا في محاولاتنا لإحراز اليقين و الأمان.

الخوف من المجهول يمكن أن يضايق التجارب الأكبر في حياتنا أو أن يعوق النتائج الأكبر التي يمكن أن نحرزها. لو أننا نتمسك بأسس معرفتنا بهذا القدر من التفحّص إلى حد أن القليل يمكن أن يبلغنا، فإننا نكون محدودين بذهننا الواعي. في كثير من الأحيان نسمع بأن خبراء علميين يقولون بأننا لا نستعمل كل دماغنا. للوصول أبعد بداخل أذهاننا، فإننا نحتاج إلى الذهاب وراء ما نعرفه و ما نظن أننا نعرفه. ذهننا الواعي يعرف ما نعرفه، مثل كيفية الطبخ أو كيفية تغيير إطارات في سيارتنا، و لكن الذهن اللاواعي يعرف أكثر بكثير. إنه يعرف كل ما سمعناه أو رأيناه على الإطلاق، رغم أننا نظن بأننا لا نتذكر تلك الأشياء. نحن فقط نحتاج إلى الوصول إليها من خلال تقنيات مثل استعمال التمارين الذهنية، تقنيات الاسترخاء، أو التمرين الجسدي.

ذهننا الواعي يعرف ما نعرفه و هو يدرك تلك الأشياء التي لا نعرفها ( مثل، أنا لا أعرف كيف أكتب برنامجا للحاسوب). نحن نميل إلى الظن بأننا لا نعرف الأشياء التي هي مدفونة بكل بساطة في مكان ما في أذهاننا اللاواعية لأنه يبدو أننا لا نستطيع استرجاعها في الآن. في الواقع، نحن قادرون على استرجاع أي معلومة بداخل أذهاننا. قد نظن أحيانا بأن فكرة ما هي مبتكَرة، في حين أنها في الواقع يمكن أنها قد دخلت أذهاننا من مصدر آخر في وقت آخر.

عندما نخرج بأفكار مبتكَرة حقا، فإن العبقرية فينا تأتي إلى الأمام. نحن ننقر على المعرفة الكونية، حيث عانق آينشتاين أفكاره المتألقة. هذا يحدث في الذهن الواعي الأعلى. ذهننا الواعي الأعلى هو مركز قوّتنا، و هو يعرف الطريق الأمثل لنا، عالم من الأفكار المطلقة التي لا يمكن أن تكون خاطئة. هذا المصدر، الذي نستطيع أن نتصل به حسب مشيئتنا، يمنحنا دائما المعلومات التي نحتاجها لتقودنا بعيدا عن الأماكن القاحلة إلى مجالات أكثر إنتاجية. ويليام جايمس يسمي هذه القوة المتعالية بالذهن الواعي الأعلى، إيمرسون يشير إليها بالذهن الكوني. مهما كان ما تسمّيها، اعلم فقط أنها توجد بالفعل، و لكونها تعرف دائما االطريق الأمثل لك، فإنك تستطيع أن تنقر على الكامن اللامحدود فيها لتلقّي الأفكار الخلّاقة التي تحتاجها لحل مشاكلك.