لماذا ينبغي أن نبدي النقد؟

تحدّثنا أوّلا عن تقبّل الانتقاد لأننا قد نُصحنا أن نكون متعاطفين مع الآخرين حتى يتسنى لنا فهم ما يقصدونه. إذا عرفنا كيف نتقبّل الانتقاد، فإن لدينا أيضا حساسية لأننا كنّا بصدد فحص كيف نشعر. لما يتم التصريح بانتقاد، فهو قد أُعطي بناء على وجهة نظر هذا الشخص، و هي طريقة شخص واحد للنظر في الوضعية. لذلك عندما تبدي انتقادا، فأنت تقول: “هذه وجهة نظري.”
عند إبداء النقد، هذه بعض الافتتاحيات لتجنبها:
هذا ليس من شأني، لكن…
لا تغضب ولكن…
ربما لن يعجبك هذا، لكن…

باستخدام هذه العبارات أنت تزرع فكرة أنك سوف تقوم بالشيء نفسه الذي تدّعي أنك تتجنبه. إنّها محاولة لكي تكون لبقا ولكنها غير ناجحة. الاقتراح السلبي سيبقى في ذهن الشخص بدل النفي.

متى يكون الوقت مناسبا لإبداء النقد؟ هل الصدق هو سبب كافي؟

العديد من العبارات الجارحة تم قولها باسم الصدق. هناك قول مأثور أحبّ معناه: “هناك الصدق و هناك الفظاظة؛ ولكن ليس هناك من شيء اسمه الصدق الفظ.” في الواقع ، يمكنك أن تكون متيقنا بأنه إذا جاءك أي شخص و قال لك: ” اسمح لي أن أكون صادقا تماما… ” فذلك لن يكون ثناء! في الواقع، سيكون ملاحظة جدّ لاذعة، و الذريعة أو “الصدق” ليست سوى محاولة لتلطيف الهجوم.

الصدق وحده ليس سببا كافيا لإعطاء الانتقادات. هذه بعض الأسباب لإعطاء الانتقادات:

1. المسؤولية. إذا كنت مُشرفا و تستجيب لشغل مرؤوسيك، فإنه من المهم لك أن تستعمل النقد لأن عليك أن تحدّد معايير العمل. يتجلّى هذا بشكل واضح جدا عندما يرقن مساعدك في المكتب رسالة لك. إذا كان هناك أخطاء في الرسالة، فأنت تُمضي اسمك على عمل ذلك الشخص، وبالتالي فأنت مُساءَل و تحتاج إلى مدّه بالانتقادات لتقود أداء ذلك الشخص.

النقد البنّاء

2. الأبوة والأمومة. كوالد أنت مسؤول عن بعض من سلوك طفلك، ولذا فإنه من المهم جدا أن تنتقدهم لتصحيح ذلك السلوك.

3. حماية الحقوق الإنسانية. لنفترض أنك تركب في سيارة مع شخص وأنه يسرع في الطريق. لديك حق في أن تقول لهذا الشخص “لا تقد بسرعة” لأن لديك حق في البقاء حيّا. فإذن أنت تحتاج إلى إبداء الانتقاد. يمكنك أن تقول، “أنا غير مرتاح معك و أنت تقود بهذه السرعة، و أود أن تخفّف منها.” لديك حق في أن تبدي هذا النوع من النقد.

4. العلاقات المقرّبة. نحن نخبر الأصدقاء المقرّبين أو الأزواج بأشياء لا نخبر بها للآخرين . قد نناقش حلاقتهم أو طول التنورة أو ملابسهم، و نحن نفعل هذا حتى نكون مساندين لهؤلاء الناس. أدركْ أن هذه ليست رخصة للقتل. نحن ما زلنا بحاجة إلى اللباقة والرقة.

5. أزمة. في حالة الأزمات أنت تبدي الانتقاد فوريا و تصرخ به ببساطة عاليا بل و تجعل منه أمرا. ليس هناك الوقت لتقول، “حسنا، دعنا نتحدث عن هذا.” الأزمة تدعو إلى الانتقاد على الفور. إذا كنت تريد من الناس أن يتقبّلوا نقدك، عليك أن تعزّز مستوى الثقة، و مستوى الثقة هذا يأتي قبل الانتقاد. هذا يعني أنك في أوقات أخرى كنت تثني على هؤلاء الناس الذين توجّهت لهم بالنقد.

ضع المعايير مسبقا. دع الناس يعرفون ما تطلبه. ستنال استياء أقل بكثير من شخص ما عندما تبدي له النقد، لو كان يعرف المعايير مسبقا. وفّر الخصوصية أيضا. إذا كنت على وشك أن تبدي الانتقاد، خذ الشخص جانبا أو أغلق الباب. أزل كلّ انتباه الجمهور و تجنّب أي وضعيّة شخصيّة. دعه يعرف بأنك لا تمثّل من أجل جمهور. هذا سيُبقي على عواطفه مستقرّة نصب أنظاره، و يساعده على التركيز على المسألة.

أيضا، ابحث عن المعلومات قبل أن تبدأ في انتقاد شخص ما. افترض أنك رأيت شخصا واقفا داخل مقرّ العمل فتذهب لتخبر هذا الشخص عن رأيك في هذا النوع من السلوك. قبل أن تفعل ذلك، يمكنك أن تقول لنفسك، “ابحث عن المعلومات أولا”، و اذهب إليه و قل: “لقد لاحظتُ أنك واقف هنا لمدة ثلاثين دقيقة. أيمكنك أن تقول لي لماذا؟ ما السبب؟” و من ثم قد يخبرك الشخص أنّه في مهمة خاصة و أن رئيس الشركة قد طلب منه الوقوف و انتظار صفقة على وشك أن يتم تنفيذها. إذا كنتَ قد انتقدته لمجرّد وقوفه في مكان العمل، لكنتَ قد أُحرجتَ.

كن بنّاءا، كن دقيقا و استخدم المصطلحات السلوكية في نقدك. أبدِ الانتقاد على السلوك، لا على الشخص. مثلا، إذا كان الشخص يستخدم لغة عربية ضعيفة، ربما رفعَ بدل أن ينصب، لم تكن لترغب في التصعيد معه و تقول: “لغتك العربيّة فظيعة”، لأنك حينها ستكون بصدد انتقاد الشخص وليس سلوكه. و لا يعرف الشخص ما يجب تغييره. قد يكون من الأفضل أن تقول، “أنت تعلم أن الجملة هي في حالة نصب لوجود ناصب، و إذا كنتَ تقولها بهذه الطريقة، فهذه هي الطريقة الصحيحة.” من المزعج بالنسبة للناس أن لا تكون دقيقا. إذن فمن المهم، بالتالي، أن تنقد الأداء، و ليس المؤدّي. استخدم الكلمات التي هي على صلة بالتحسّن في المستقبل. خيار رديء سيكون “لا تفسد الأمر مجدّدا كما اعتدتَ أن تفعل في المرات السابقة.” لأن هذا هو إقرار سلبي تضعه حول هذا الشخص. تطلّعْ إلى المستقبل، و تحدّث بمصطلحات التحسّن، و قل له، “في المرة القادمة أودّ منك أن تفعل ذلك بهذه الطريقة.”

تعاملْ مع الأشياء، وليس الشخصيات. إذا انتقدت الشخص بدلا من سلوكه، فهو سيعتبر الأمر هجوما شخصيا. لو أنك تقول له، “أنت راقن مُهمِل”، فإن هذا الشخص سوف يصبح مستاء و غاضبا، وسوف يُفسد عليك في المرة القادمة التي يرقن فيها شيئا. خيار أفضل سيكون، “هذه الرسالة فيها خمسة أخطاء، و هي بحاجة إلى أن تُرقن مرة أخرى.” مرة أخرى، تعامل مع الأشياء بدلا من مهاجمة شخص بتصنيفات أو أوصاف شخصية.

ملخص العام

أعلم أن العام لم ينته بعد. و لكني سرُرت اليوم كثيرا عندما فتحت موقع “افتح يا سمسم” لأجد “ووردبراس” يهنئني بسنتي الأولى معه. أسعدني الأمر أكثر عندما فتحت صفحة الإحصائيات لأجد أن عدد القراءات في سنة واحدة قد تجاوز 3900 قراءة أي بمعدل 10 قراءات يوميا.

Statistics

القراء هم من كل بلدان العالم تقريبا و أولها السعودية و تونس ثم الولايات المتحدة.

Countries

أما عن المقال الأكثر قراءة فهو:  “قانون المغناطيسية الذهنية” بما يناهز 1000 قراءة، يليه: “لماذا تريد تغيير عالمك“.

best articles

و الآن لعلّك تتساءل: لماذا أشاركك مثل هذه المعلومات؟

في الواقع، ما أردت استخلاصه أن تجربة الكتابة باللغة العربية في موضوع التنمية البشرية كانت جد ممتعة و مفيدة لي و لغيري. و لكنها لم تكن مثمرة. و السبب هو أني أصرف وقتا بدون أي مقابل.

النشر في موقع مجاني لووردبراس لا يمكّن كاتبه من كسب المال من تآليفه. و لا هو يمكّنه من الوصول إلّا إلى عدد ضعيف من القراء. مثلا، 10 قراء يوميا لموقعي يعد ضئيلا جدا، و هو بالمناسبة لم يكن ممكنا لولا أني تواصلت مع الأصدقاء في الخليج عبر التويتر!

ما تعلّمته من هذه التجربة هو أن كسب المال من خلال تبادل معرفتي هو تعبير عن المحبّة. فالوقت الذي أصرفه لتحصيل المعرفة و تأليفها هو ما أقدّمه للآخرين، و ما يقدّمه الآخرون لي في مقابل ذلك هو اهتمامهم و شكرهم، و قد يكون ذلك عبر المال أو عبر نقرة “أعجبني”. نظرتنا للمال هي ما يجب تغييره. فهو وسيلة للشكر، وسيلة للوقت. بعبارة أخرى، يتيح لك المال مساعدة من هم حولك. كما أنه يسمح لك أن تفعل ما تحب القيام به، لتحقيق غرض حياتك. انه يشتري أيضا الحرية والوقت. ما إن تمتلك ما يكفي من المال، لن تكون بحاجة للتضحية أكثر بالحرية والوقت الخاص بك في أشياء لا تدعم نواياك الإبداعية، أو في أي شيء يجعلك تعيسا أو يترك لك شعورا بعدم الاكتمال.

طموحي هو أن أطوّر تجربتي. و لهذا قرّرتُ أن أفتح مواقع أكسب من خلالها جهدا و وقتا و حريّة بنشر ما أهتم به و أعرفه. و بما أن عدد القراء العرب هو هزيل، و بما أن المردود المالي لنقرة القراء العرب هو ضعيف، و بما أن المستشهرين في المواقع العربية هم قلّة، فإن الكتابة باللغة العربية لا تبدو خيارا مطروحا لي الآن.

أنا مسرور بإنجاز الأمس، و لكن عندما نحاول أن نعيش على أمجاد الأمس، نموت اليوم. فكّر في ذلك!