أنت دائما تفعل أقصى جهدك.
هل تفاجئك هذه الجملة؟ أكثر الناس هم مصدومون لمّا يسمعوها لأول مرة. لقد أُخبرت لسنوات بأنك تستطيع و يستحسن بك أن تكون “أفضل”. و في حين أن هذه هي مبدئيا نصيحة جيّدة، لو أنه سيُعمل عليها، يجب أن تُعتبر في سياق ما يؤلّف المستوى الحاضر لوعيك.
الحقيقة هي أنك لا تستطيع أبدا أن تفعل أفضل مما تفعله في هذا الآن. أنت محدود بفعل ذلك عبر مستواك الحاضر للوعي. أن تعرف أفضل لا يكفي لكي تفعل أفضل. سوف “تفعل أفضل” فقط عندما يتغيّر مستواك الحاضر للوعي.
من الأساسي الاعتراف بأنك ستكون سعيدا و في سلام مع نفسك فقط إلى الدرجة التي تقبل فيها بأنك تفعل الأفضل في الآن. ما إن تفعل ذلك، سوف لن تكون أطول عرضة للآراء المعادية للآخرين. على العكس، إن لم تُعجب بما يفعله الآخرون لأنه، في نظرك، هذا غير “منصف” أو “عادل”، لا تبرير لديك لإدانتهم أو لومهم أو جعلهم يشعرون بالذنب. الحقيقة هي أنه لا أحد – إما أنت أو الشخص الآخر – يستطيع أن يفعل “أفضل” من “أقصاه” في الآن.
يجب عليك أن تتعلّم قبول واقع الآن و استيعاب أنه ما من فعل آخر ممكن في الوقت.
الواقع هو نفسه لكل واحد. الفرق بين واقعك و واقع أحد ما آخر هو إدراكك له. ما من شخصيْن لديهما نفس الوعي. ما من شخصيْن لديهما نفس الخلفية و التجارب و بالتالي فإن طريقة إدراك الحياة، قيمهما، مفاهيمهما، اعتقاداتهما، افتراضاتهما و طموحاتهما سوف تكون مختلفة.
الواقع الشخصي لكل واحد فينا يتألّف من الخصائص الذهنية، الشعورية و الجسدية التي لا نستطيع تغييرها في هذا الآن المعطى. واقعك الشخصي، إذن، هو المجموع الجملي للمستوى الحاضر لوعيك: القيم، الاعتقادات، المفاهيم – الصحيحة و الخاطئة – التي تعتنقها في هذه اللحظة الآن. بما أن الإدراك هو دائما متلوّن و متأثر بالوعي، إذا كان وعيك خاطئا، كذلك هو إدراكك – حتى إن كنت متأكّدا بأنك محق.
كل قرار تتخذه و كل عمل تقوم به هو معتمد على مستواك الحاضر للوعي.
لاحظ بأن كل مشاكلك الشعورية و معظم مشاكلك الجسدية هي النتيجة لمقاومة واقعك الخاص أو واقع أحد ما آخر، أو واقع وضعية، في الآن، أنت عاجز لكنك تريد يائسا تغييرها. رفضك أو عجزك على قبول الأشياء كما هي هو أصل المشكل. لو أنك تفحص معظم خيباتك و إحباطاتك سوف ترى بوضوح بأنك تقاوم شيئا ما لا يمكن أن يتغيّر فوريا.
نحن نقاوم الواقع، أو “ما يكون”، لأننا تحت الافتراض الخاطئ و الهدّام بأننا نستطيع تغييره. لكن الأشياء هي على الطريقة التي تكون في الآن الحاضر سواء أردنا قبول هذه الحقيقة أم لا. فقط عندما نستطيع الاعتراف بشكل واع بأن مرحلة خاصة من الواقع هي كما تكون في الآن الحاضر حينها نتغلّب على مقاومتنا لها.
مفتاح التغيير هو أن تقبل سلوك الناس الآخرين بدون الإحساس بأنه عليك بأن “تضعهم على الصواب”. يجب عليك أن تسمح لهم بالحرية الشخصية بأن يحيوا وفق وعيهم الفردي الخاص، مهما كان محرّفا و خاطئا. لفعل هذا، عليك أن تتعلّم أن تحب و تقبل نفسك أولا. إذا كنت مازلت تحاكم نفسك، سوف تحس بأنك مجبر على محاكمة الآخرين، بالتالي مقاومة واقعهم و المستوى الحاضر لوعيهم.

تستطيع أن تكون رحيما و متفّهما للآخرين فقط إلى الدرجة التي تكون بها رحيما و متفهما لنفسك.
إذا كنت غير واع بأنك تقاوم الواقع، فإنه ما من طريقة لك لتقطع هذه العادة الهدّامة. سوف تحسّ دائما بالحاجة لأن تحاكم الأشياء ك”جيّدة” و “سيّئة”، “صائبة” و “خاطئة”، “عادلة” و “جائرة”. سوف تعتقد بأن الناس و الظروف تتآمر ضدّك لأنك ترفض أن تواجه ما يكون. و بالتالي تحيى في عالم من التفكير الآمل حيث الأشياء “يستحسن أن تكون” لكنها ليست، على طريقة معيّنة.
إنها حقيقة حياة بيّنة بأن ما يحدث لك ليس تقريبا هاما على درجة الشدّة التي بها تقاوم واقع وضعية أو فرد خاص. لطرحها بطريقة أخرى، أنت لا تستطيع إعانة الطريقة التي تشعر بها إزاء الأشياء، و لكنك تستطيع إعانة الطريقة التي تفكّر بها و تردّ بها الفعل تجاهها. تستطيع أن لا تحب واقع وضعية، و لكن يجب عليك أن تقبلها في الآن الحاضر. بفعلك لهذا، سوف يكون لديك تحكّم في أفعالك و ردود أفعالك.
ليس على المرء أن يكون عملاقا ذهنيا حتى يرى أن مقاومة الواقع هي السبب في أكثر غمّ، صداع، امتعاض، عداء و مشاكل عائلية من أي شيء آخر. لا يمكنك بأي حال أن تحس بأنك مجروح شعوريا، أن تغضب، تمتعض أو تعنّف آخرا، و لا أنت تستطيع مطلقا أن تحس بأنك “أقلّ من” أو “مطروح أسفل” و مجروح من الآخرين بدون مقاومة الواقع.