لماذا الآن؟
“حالما بدأت الأمور تتحسّن..” ، “فقط عندما كنتُ على وشك أن..حدث ذلك”، ” لماذا الآن؟”
مرّة أخرى، هذا يحدث الآن، ليس فقط لنا. لو كنتَ في تجمهر و أُطلق النار فمرّت الرصاصة بجانبك وأخطأتك، هل حدث هذا لك؟ ماذا عن الشخص الذي أصابته الطلقة؟ ماذا عن أولئك الذين سمعوا ضجيجا فقط؟ كل شخص يؤوّل و يشخصن الحدث بحسب ما وقع له.
لو أن شجرة وقعت في الغابة و لم تكن هناك، فهي سقطت لا أكثر. يمكنك قبول هذا. الشجرة فقط سقطت. هذا لا يحدث لأي أحد. من جهة أخرى، لو حدث أن مشيتَ تحت الشجرة بينما هي ساقطة، فستشخصنها و ستقول بأن الشجرة سقطت عليك. ربّما تتساءل: “لماذا أنا؟” و “لماذا الآن؟”.
من حسن الحظ أننا لا نستطيع اختيار ميقات أو طبيعة الصدمات و الأزمات في حياتنا. لا يمكننا أن نقـرر للكون ما الذي عليه أن يفعله، يمكننا فقط أن نكون جزءا من الأحداث التي تتجلّى. لا صلة للزمن بالموضوع. كلّما حدث في حياتنا أي شيء، فإن ذلك هو التوقيت المثالي لحدوثه لأنه يحدث. روايتنا المُـشَـخصَــنة الخاصة لما نسمّيه التوقيت “الصائب” أو “الخاطئ” له للحدوث لا جدوى منها و لا صلة لها بالموضوع.
لو كنتَ قادرا على جدولة متى ستحدث لك أزمة أو صدمة في حياتك، أي وقتٍ بالضبط ستختاره للإضرار بزواجك، علاقتك، طفلك، سيرتك المهنية، منزلك، ممتلكاتك المادية، أمنك المالي، أو صحّتك؟ متى يكون التوقيت الصائب للأشياء السيّئة حتى تقع؟
الإجابة هي واضحة. ليس هناك من توقيت صائب.
على صعوبة تقبّلها، فإن هذه الأحداث ستقع، مهما كان إحساسنا تجاهها و مهما واظبنا على تفاديها.
ماذا الآن؟
ردّة فعلنا الأولى وقت الأزمة هي محاولة فعل شيء ما -أي شيء- لجعل الأمر يبتعد عنا. نحن نعيش في ثقافة تشدّد على الحلول الفورية لكل مشكلة. عندما يجري شيء ما على نحو خاطئ في حياتنا، فإننا نشعر بالحاجة إلى حل وضعيّتنا الفورية بفعل شيء ما. و لكن، هذه الحدّة بالذات و هذا الاستعجال بالذات لحل مشاكلنا هو ما يتسبب لنا في إهمال الحلول الدائمة و الباقية.
قبل أن نتمكّن من حل أي مشكلة، أزمة، فوضى، أو صدمة، علينا أن نتعلّم من التجربة حتى لا نعيدها مرّة أخرى. علينا دائما أن نُبقي في ذهننا أن الدرس أكثر أهميّة من الحل. لو أننا نركّز فقط على الحل الفوري فإننا لن نتعلّم الدرس و سنواجه على الأرجح نفس الوضعية في وقت لاحق في المستقبل.
السؤال “ما الذي أفعله الآن؟” يأتي من الرغبة في تركيب كل قطع اللعبة اللغز ببعضها سريعا بدون أن ندري كيف تبدو اللعبة مُجمَّعَة. تذكّر أن صورة اللعبة اللغز هي على الصندوق بحيث يمكنك رؤية النتيجة النهائية قبل أن تبدأ في تصنيف و وضع القطع مجمّعة في اللعبة. في الحياة، علينا أن نكون قادرين أيضا على رؤية النتيجة النهائية (حل دائم و باق) قبل أن نتمكّن من وضع القطع مع بعضها.