التغلّب على الحاجة للتلاعب

كطفل، لم تكن تعرف و لا تهتّم بما يجري في العالم من حولك. همّك الوحيد كان رفاهيّتك الخاصة. الضعف جعلك معتمدا على ما سوف يعطيه و يفعله لك الآخرون. سعادتك الكبرى كانت أن تكون مُطعما، مُحتضنا و مُدلّلا. همّك الرئيسي كان أن تحصل على أكثر ما يمكن من الانتباه.

اكتشفت بسرعة أنك، إذا انطلقت في البكاء، تستطيع أن تستدعي كهلا ليهتمّ بحاجياتك. حتى إذا كنت قد أصبت بالملل لا غير، تستطيع أن تنطلق في البكاء و أحد ما سيظهر ليؤاسيك. الابتسام، أيضا، يشتغل جيّدا بشكل ممتاز. إذن فقد تعلّمت باكرا أن تبتسم عندما تكون مُنتقى و أن تبكي عندما تكون مُلقى.

Master of manipulation

هذا التمرين البسيط في التلاعب هيّئ النسق لبقية حياتك. طفولتك بأكملها صُرفت في تطوير مهارات سوف تصنع انطباعا جيّدا لدى الآخرين و تؤثر عليهم ليمنحوا انتباههم لك. هكذا، حتى في هذه النقطة المبكّرة في حياتك، فقد كنت تبرمج نفسك لتعتمد على استحسان الناس الآخرين، و أن تشعر أنك مرفوض عندما يستهجنك الآخرون. كطفل، سلوك كهذا كان معذورا، لكن، ككهل، هذا محبط ذاتيا. إن كنت مازلت تتلاعب بالآخرين ليفعلوا ما أنت قادر بشكل كاف أن تفعله بنفسك، فإنه لا يمكنك أن تعتبر نفسك ناضجا شعوريا.

عادة متنامية في ثقافتنا هي أن تفعل أكثر و أكثر لطفلك و تتوقّع أقل و أقل. ذنب الآباء هو أنهم يخدعون بشكل غير مقصود ذريّتهم بأن يسمحوا لهم بأن يكونوا معتمدين على أشياء يستحسن أن يفعلوها بأنفسهم. بصرف سنواتهم الثماني عشر الأولى متّكئين و معتمدين على الآخرين فإن الأطفال هم ملقون في دور سجناء مع امتيازات السلوك الحسن. من المثير أن تلاحظ أن هذه هي ظاهرة إنسانية. قريبا بعد الولادة، كل أنواع الحيوان الأخرى تدفع بصغارها إلى العالم حيث يتعلّمون الاستقلالية مبكّرا.

الهديّة الأكبر التي يمكن أن يعطيها أي أب لأبنائه هي أن يساعدهم ليصبحوا واثقين ذاتيا بأن يجعلهم معوّلين ذاتيا. يستحسن أن يكون الأطفال قد أعطوا الكثير من المسؤوليات كما يستطيعون أن يتعاملوا معها في أي مستوى عمري. فقط من خلال الاستقلالية سوف يتعلّمون الفرحة و الامتياز و الكرامة الإنسانية للوقوف على أقدامهم.

إنها مسؤولية أساسية للأبوين مساعدة الأطفال القيام بالانتقال السلس من الخضوع إلى التعويل الذاتي. يستحسن أن يسمح للأطفال بأن يقوموا بأخطاء و يتعلّموا منها. و إلا، سيكون غير عجيب، لاحقا في حياتهم، عندما يتوجّب عليهم أن يقوموا بشيء بمفردهم، أن يقولوا ، ” لا أستطيع أن أفعلها!” ما لم يكونوا متأكدين من النتيجة، فإنهم يرفضون محاولة أي شيء لأن آباءهم المبالغين في الحماية قد يسّروا لهم دائما هذه الطريقة.

كل مرّة تقوم بشيء يكون أحد قادر أن يفعلها لنفسه، أنت حرفيا تسرق من ذلك الشخص. كلما تهتم أكثر بأحد ما، كلما توجّب أن تكون متيقظا أكثر كي ترى أنك لا تحرمهم من فرصة التفكير و الفعل لأنفسهم، مهما كانت العواقب المادية و الشعورية. هذا صحيح ليس فقط للعلاقات الآباء-الطفل، لكن في الزواج، العائلة و كل العلاقات بين الأشخاص كذلك. نحن لا نستطيع أن نحيا حياة الناس الآخرين أو أن نتحمّل أعباءهم، مهما كثر حبّنا لهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s